حول انضمام الأردنّ لمجلس التعاون الخليجيّ

الشغل الشاغل في منطقتنا هذه الأيام يتمحور حول طلب الأردنّ و المغرب الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي، و قد أثار -كما هو متوقع- ردود أفعال متباينة من أطراف ٍ شتى

من حيث المبدأ، أحب ّ أن أفكر بأن كافة الدول العربية ترحّب بمثل هذه الخطوة، و أنا شخصيا ً معها قلبا ً و قالبا ً. و لكن عندي ملاحظتان:

  • الملاحظة الأولى و الأهمّ برأيي تتركز حول الأسباب التي دعت لمثل هذه الخطوة، قطعا ً الأحداث الأخيرة في عالمنا العربي هي المحرّك الأقوى و لكن هناك بكل تأكيد أسباب اقتصادية لا تقل أهمية عن السياسية منها (سياسة الاقتصاد أو اقتصاد السياسة.. لا فرق أصلا ً هذه الأيام) . و من جانب آخر لا يخفى على الكثيرين، فإن هناك رسالة واضحة لإيران (+ تركيا ربّما؟) من جرّاء هذه الخطوة [لا معلومة عندي فيما إذا كان هناك جذور لطلب الانضمام قبلا ً و لكن أشك في ذلك]

  • الملاحظة الثانية و التي ترتبط بشكل جوهريّ مع الأولى؛ مسألة مشاركة الشعوب في كل هذا لم نر أن هناك جهدا ً ملموسا ً -لغاية الآن- لإشراك فعاليات الشعوب المختلفة في القرار أو على الأقلّ إخطارهم بما يمكن توقعه من جرّاء هذه الخطوة

ما أودّه من بلدي الأردنّ أنْ يقوم بمراعاة الآتي:

  • إبراز الأهداف من الانضمام، و ذلك بصيغة رسالة و نظام واضحيْن و بلغة مفهومة لكل القطاعات المجتمعيّة: أظنّ أن هذه مسألة حيويّة و يتفق عليها الجميع و لكنها صعبة التطبيق! تحتاج آليات واضحة و على درجة من الثقة العالية

نحتاج من حكومتنا أن تطلعنا على مدى تأثير هذه الخطوة على استحقاقات و مضامين مهمّة يمرّ بها الأردنّ حاليا ً (كطروحات الجمهوريات الملكية و/أو الأسر المالكة، مسائل الطاقة و أسعارها، شحّ المياه، حركة نقل الأشخاص و البضائع من/إلى دول الخليج العربيّ)

  • عدم إغفال العنصر الثقافي للمسألة؛ فمن ناحية أن التقاطعات بين دول مجلس التعاون و الأردنّ متواجدة و لكن من الناحية الأخرى فحين الولوج لتفاصيل الانضمام و حيثيّاتها فإن نظرة واعية لمثل تلك الاختلافات الثقافية -و إن كانت بسيطة- ستسهّل سيْر الأمور و تزيد من نجاعتها

  • النقطتان السابقتان تحتاجان لمشاركة الحكومة لأكبر شريحة ممكنة من الشعب، هذه بالذات تحتاج تخطيطا ً مسؤولا ً و مرتبطا ً بأهداف الانضمام نفسها. ما أحسنها من خطوة -مثلا ً- أن يتمّ استقبال اقتراحات المغتربين في دول الخليج العربيّ و مرئيّاتهم حول الانضمام؛ سواء ً كانوا أفرادا ً أو من أصحاب الأعمال بل و حتى العاملين في السفارات/القنصليّات في دول الخليج العربيّ

الحراك الشعبيّ الشبابيّ العربيّ من شأنه أن يسهم في إنجاح مثل هذه المبادرة الطيبة، و هذا لن يتمّ إلا بإشراك هذا الحراك و من البداية

على أيّ حال ٍ، هنالك من سيقول أن هناك فائزين و خاسرين من الانضمام… و من الطرفين سواء ً كانوا أفرادا ً أو مؤسسات . و لكن على المدى الطويل فالكلّ فائز و مستفيد!

المسألة أبعد من كونها ذات بعد اقتصادي ٍ ، هو مشروع وحدويّ طموح، أو على الأقلّ نواة لذلك

ما أجمل أن نرى الأردنّ نتيجة لهذا الانضمام قد أصبح سوقا ً جاذبا ً لتكنولوجيا المعلومات -مثلا ً- في المنطقة ابتداء ً و العالم كله بعدها، و من بعده لبنان و سوريا و مصر كذلك (كمقارّ تصنيعيّة مثلا ً) في الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجيّ

و من يدري، فقد يكون هناك فسحة من فرصة لإشراك فلسطين المحتلّة و جعلها جزءا ً كذلك

و أن يصبح المغرب مدخلا ً مهمّا ً للسوق العربية نحو أوروبا، و بالطبع فوائد الانضمام لجهة دول الخليج العربيّ واضحة كذلك… امتداد للأسواق و تعظيم لخطط التنمية

هي تجربة جديدة و كذا جريئة، و المخاوف موجودة و شرعيّة بالطبع و من كل الأطراف.. و لكن بالتخطيط السليم و المراقبة الفاعلة يمكن لها أن ترى النور و أيضا ً أن تنشر الضياء

🙂

و لا ننسى أن الاتحاد الأوروبيّ بقي أكثر من 50 سنة يصارع للظهور و 50 أخرى في التطبيق و معالجة المشاكل التي برزت (العملة الموّحدة، إفلاس بعض القطاعات/الدول، …) و لنا أن نتعلم من التجربة و نزيد عليها ، لا ينقصنا شيء، لا شيء البتّة

🙂

 

15 responses

  1. you have to come over here to see how jordaninas have gone nuts dreamin of the 5aleeji oil and cars and money !and gettin; worried about the possibility that the jordnian youth may have to participate in the gulf army ! lool poor us ! on the other hand i liked the idea, and am just hopin’ it works!

    the whole world is changin’ and we must be a good part of this change if we can say so 🙂

    Like

  2. طلب الانضمام من ايام الملك حسين الله يرحمو..طيب ليش هلأ وافقو عليه؟ شو اللي تغير؟
    صراحه ما اظن الهدف المواطن او مصلحتو..في اهداف أخرى اعتقد تتمحور حول حماية الملكيه في الاردن من اي خطر يهددها من الشعب…! زي ما صار في البحرين…قوات التحالف الخليجي بتزبط الوضع و الله اعلم….
    اذا المواطن استفاد بكون استفاد بالصدفه…

    Like

    • ماشي يا يمامة.. المسألة فيها “إنّ”
      و فيه تفاصيل بدنا إياها مشان تتوضح الصورة
      و ما بدنا كلام بدون أفعال بشأن الانضمام هذا

      و أكيد الأحداث الأخيرة في منطقتنا حرّكت هذا

      و لكن لم يكون المواطن مستفيدا ً بال”صدفة” 🙂

      فلننتظر و نر ، و الأوضاع في تغيير .. لن نكون في غياهب و حواشي ما يتعلق بمصيرنا و حياتنا بعد الآن 🙂

      Like

      • يستفيد بالصدفه….يستفيد بالقصد…المهم يستفيد 🙂
        و انا ما بحط بذمتي…حكيتلك الله اعلم..:]

        Like

    • مرحبا أحمد

      للأسف معلومات من مثل هذه الشاكلة غير متوفرة للآن! و هذا ما قصدته ب”إشراك” الجميع في مثل هذه الحيثيات المهمة

      شكرا ً لمرورك

      Like

  3. Thanks for addressing this topic in a thoughtful manner. So far, I haven’t read any other blog doing so. As well as political and economic considerations, the idea has been raised that these 2 countries are being considered for their military depth.

    I thought of the analogy to the EU as I was reading. It also had a military impulse–to reduce friction among member states, but also in the shift from the EEC to the EU to counter-balance politically and militarily the USA and the USSR.

    It is tempting to imagine a genuine cooperative council among all Arab states. At the very least it would disappoint those who prefer to see them “warring” or at least squabbling among themselves. 😀

    Thanks again!

    Like

    • Thanks Chiara 🙂
      Your comment is wonderful (as always)

      Planning to translate the post to English as well 🙂

      Gonna steal your thoughts/words 😀

      Like

  4. بالفعل! صحيح في صعوبات بس فكرة توحد الدول العربية حتى لو كانت حبر على ورق بالوقت الحالي اشبه بحلم يتحقق ، ان شاء الله مع الوقت الاندماج بصير اكثر واقعية

    Like

    • سراج الماضي:

      أشكرك 🙂

      و يسلموا على الاشتراك بمواضيع المدونة
      🙂

      Like

Leave a comment